السطوة الأميركية العالمية أمام التدخلات الأميركية الراهنة في الشؤون الداخلية للأمم الأخرى ،تحت حجة مكافحة الإرهاب، نجد من الضروري أن يعمل الباحثون في مجال الإستراتيجيا على تبين الدوافع الكامنة وراء هذا السلوك الهيجاني في تاريخ السياسة الأميركية. ذلك أن الإستراتيجيا والقانون الأميركيين خاضعان لمبدأ السابقة. بحيث يمكن القول أن عملية إقناع صناع القرار بأية خطوة إستراتيجية مرتبط بإيجاد سوابق مماثلة لها في الإستراتيجية الأميركية. وفي إستعراضنا لتاريخ التدخلات الأميركية في العالم سنعمد الى تقسيمها إصطناعياً ( لأنها واقعاً مترابطة) الى ثلاثة مراحل زمنية هي: 1- منذ استقلال اميركا وحتى ما قبل سقوط الشيوعية و2- مابعد سقوطها و3- مابعد حوادث 11 أيلول ونبدأ ب:
1- التدخلات العسكرية الأميركية ما قبل سقوط الشيوعية. ليست الولايات المتحدة الأميركية كسواها من المستعمرات السابقة، لأنها، بعد نيل استقلالها وتوطيد أركانها، باشرت سلسلة من التدخلات العسكرية، بشكل تضاعف إلى حد كبير في القرن العشرين. رغم ذلك، لم تبن الولايات المتحدة إمبراطورية استعمارية على غرار سالفاتها الفرنسية والبريطانية وإنما اعتمدت على جولات التدخل في هذا البلد أو ذلك، لإسقاط حكومة هنا، وحماية "مصلحة قومية حيوية" هناك. وعلى الرغم من أن هذا التدخل التزم في البداية دائرة إقليمية، فحصر مجاله في الأميركيتين وفقا لمبدأ مونرو، ألا أنه سرعان ما امتد التدخل في غضون الحرب الباردة وما تلاها ليشمل مختلف القارات. في ما يلي لائحة صاغها زولتان غروسمان عن التدخلات العسكرية الأميركية على امتداد قرن. ونشر في كتاب "لماذا يكره العالم أميركا" ؟ لضياء الدين سرادار وميريل واين ديفيز (دار فايار). داكوتا الجنوبية-1890 قوات أرضية قتل 300 هندي الأكوتاس في واندو ودكني. الأرجنتين - 1890 قوات أرضية. حماية المصالح في بوانيس أيرس. تشيلي 1891 قوات أرضية. مواجهة بين البحرية والمتمردين المحليين. هايتي، 1891 قوات أرضية، قمع ثورة العمال السود في جزيرة ناقاسا من قبل الولايات المتحدة. أيدهو، 1892 قوات أرضية، الجيش يقمع المضربين في مناجم الفضة. هاواي، 1893؟ قوات بحرية، قوات أرضية. ضم المملكة المستقلة. شيكاغو، 1894 قوات على الأرض. قمع المضربين في سكك الحديد – 340 قتيلا نيكاراغو، 1894-1895 قوات أرضية. احتلال "بلوفيلد" لمدة شهر. الصين 1894-1895 القوات البحرية، قوات أرضية، دخول قوات المارينز. كوريا، 1894-1896 قوات أرضية، توقيف لقوات مارينز في سيول أثناء النزاع. باناما، 1895 قوات أرضية، قوات بحرية. دخول المارينز إلى الريف الكولومبي. نيكاراغوا، 1896 قوات أرضية، دخول قوات المارينز إلى مرفأ كورينتو؟. الصين، 1898-1900 قوات أرضية. القوات الأجنبية تحارب الـ"بوكسيرز". الفيلبين، 1898-1900 قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على الفيلبين، الممتلكات الأسبانية 600 ألف قتيل فيلبيني. كوبا 1898-1902 قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على كوبا، ممتلكات إسبانية. صمود قاعدة بحرية. بورتو ريكو 1898 قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على بورتوركيو، ممتلكات إسبانية، استمرار الاحتلال. غوام 1898 قوات بحرية، قوات أرضية. الاستيلاء على غوام.ممتلكات إسبانية. لا تزال مستعملة كقاعدة. مينيزوتا، 1898 قوات أرضية، الجيش يواجه هنود الـ"شيبيواس" في لييش لايك. نياكاراغو، 1898 قوات أرضية، دخول المارينز إلى مرفأ "سان خوان ديل سور". أيداهو،1899-1901
قوات أرضية. الجيش يحتل منجم"كوردالين "coeur
dAlene قوات أرضية. الجيش يقمع ثورة هنود "الكربكس". باناما،1901-1904 قوات بحرية، قوات أرضية. فصل باناما عن كولومبيا في عام 1903، وضم منطقة القناة عام 1914 وضم منطقة القناة عام 1914، ولغلية عام1991. هندوراس 1903 قوات أرضية. تدخل المارينز في الثورة جمهورية الدومينيك، 1903-1904 قوات أرضية، حماية المصالح الأميركية المهددة من الثورة. كوريا 1904-1905 قوات أرضية. دخول قوات المارينز أثناء الحرب بين اليابان وروسيا. كوبا، 1906-1909 قوات أرضية. إنزال قوات المارينز في الوقت الذي كانت البلاد تجري فيه انتخاباتها الديموقراطية. نيكاراغوا، 1907: قوات أرضية. نشوء بروتوكول "دبلوماسية الولار". هوندوراس، 1907 قوات أرضية. إنزال قوات المارينز اثناء الحرب مع نيكاراغوا. باناما، 1908: قوات أرضية. تدخل قوات المارينز أثناء مواجهات انتخابية. نيكاراغوا، 1910 قوات أرضية. إنزال قوات المارينز في بلوفيلدز وكورينتو. هوندوراس، 1911. قوات أرضية. حماية المصالح الأميركية المهددة من قبل الحرب الأهلية. الصين 1911-1941 قوات بحرية، قوات أرضية. احتلال دائم مع وقوع انفجارات قوية. كوبا، 1912 قوات أرضية. حماية المصالح الأميركية في هافانا. باناما، 1912 قوات أرضية. إنزال قوات المارينز اثناء الإنتخابات. هوندوارس، 1912 قوات أرضية، قوات المارينز تحمي المصالح الاقتصادية الأميركية . نيكاراغوا، 1912،1933 قوات أرضية، قصف دائم. عشرون سنة من الاحتلال. معارك مع الثوار. مكسيك، 1913 قوات بحرية. إخلاء القوات الأميركية أثناء الثورة. جمهورية الدمينيك، 1914 قوات بحرية. معارك إلى جانب الثوار للاستيلاء على السان دومينيك. كولورادو، 1914 قوات أرضية، الجيش أوقف إضراب عمال المناجم. المكسيك، 1914-1918 قوات بحرية، قوات أرضية. سلسلة تدخلات ضد الوطنيين. هايتيي 1914-1934 قوات أرضية، قصف متواصل. تسعة عشر عاما من الاحتلال تلت محاولات التمرد. جمهورية الدمينيك، 1916-1624 قوات أرضية. 8 سنوات من الاحتلال من قبل المارينز. كوبا، 1917-1933 قوات أرضية. احتلال عسكري، خضوع لنظام الحماية الاقتصادية. الحرب العالمية الأولى: 1917-1918 قوات بحرية، قوات أرضية. معارك ضد ألمانيا. روسيا، 1918-1922 قوات بحرية، قوات أرضية. خمس إنزالات بحرية لمحاربة "البولوشفيين". باناما، 1918-1920 قوات. أرضية. "عمليات بوليسية" تلي المشاكل التي أعقبت الانتخابات. يوغوسلافيا، 1919 قوات أرضية، إنزال المارينز في "رالماسي" لمساعدة إيطاليا في مواجهتها مع صربيا. هوندوراس، 1919 قوات أرضية. إنزال قوات المارينز أثناء الحملةالانتخابية. غواتيمالا، 1920 قوات أرضية. 15 يوم من التدخلات ضد الاتحاديين. فيرجينيا الغربية، 1920-1921 قوات أرضية، قصف متواصل. الجيش يتدخل ضد عمال المناجم. تركيا، 1922 قوات أرضية. معارك ضد الوطنيين في "سميرن" (إيزمير) الصين، 1922،1927 قوات بحرية، قوات أرضية. نشر القوات أثناء الثورة الوطنية. هوندوراس، 1924-1925 قوات أرضية. إنزال المارينز مرتين أثناء المعركة الانتخابية. باناما، 1925 قوات قمع الإضراب العام من قبل المارينز. الصين، 1927-1934 قوات أرضية. انتشار المارينز في جميع أنحاء البلاد. سلفادور،1932 قوات بحرية. بعث معدات حربية أثناء ثورة فابريانو مارتي. واشنطن، 1932 قوات أرضية. الجيش يضع حد لمظاهرة قدامى المحاربين في الحرب العالمية الأولى المطالبين بتعويضات مالية. الحرب العالمية الثانية: 1941-1945 قوات بحرية، قوات أرضية، قصف دائم، 2 قنبلة نووية. ديترويت 1943 قوات. الجيش يقمع" ثورة السود" إيران، 1946 تحذير نووي. وجوب انسحاب القوات السوفياتية من الشمال (الازير بايجيان الإيراني). يوغوسلافيا، 1946 قوات بحرية، استنفار أميركي بعد إنزال طائرة أميركية. أوروغواي، 1947 تهديد نووي. نشر القوات المسلحة للتخويف اليونان، 1947، 1949 الولايات المتحدة توجه اليمين المتشدد أثناء الحرب الأهلية. الصين، 1948، 1949 قوات أرضية. قوات المارينز تخلي المنطقة من الأميركيين قبل انتصار الشيوعيين. ألمانيا 1984 تهديد نووي. مسلحون أميركيون ذوو تجهيزات نووية يحمون الجسر الجوي في برلين الفليبين، 1948،1954 الـ"أي أي" توجه المتمردين "الهوكس". بوتكوريكو، 1950 قمع المتمردين الاستقلالين في "بوتس" كوريا، 1950-1953 قوات أرضية، بحرية، قصف، تهديد نووي. حالة مسدودة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من جهة والصين وكوريا الشمالية من جهة أخرى. تهديد باللجوء للقنبلة(A) عام 1950، وجود قواعد أميركية حتى يومنا هذا. إيران 1953 الـ"سي أي أي" تسقط الديموقراطية وتضع الشاه على رأس السلطة. فيتنام 1954 تهديد نووي. اقتراح بتقديم قنابل للفرنسيين المحاصرين. غواتيمالا، 1954 قصف، تهديد نووي. الـ"سي أي أي" ترأس عملية إنزال المنفيين بعد تأميم أراض تابعة لشركات أميركية من قبل الحكومة الجديدة. نشر مسلحين في نيكاراغوا. فيتنام، 1960،1975 قوات أرضية، قوات بحرية، قصف، تهديد نووي. معارك ضد الـ"فيت-كونغ" في الفيتنام الجنوبية وضد الفيتنام الشمالية: مليون إلى مليوني قتيل في أطول الحروب الأميركية. التهديد باللجوء إلى القنبلة النووية، بين 1968-1967 كوبا، 1961 فشل محاولة إنزال المنفيين المعادين لكاسترو، والتي قادتها ال"سي أي أي". ألمانيا 1961 تهديد نووي. حذر عالمي أثناء أزمة جدار برلين. كوبا، 1962 تهديد نووي، حصار بحري اثناء أزمة الصواريخ. تجنب الحرب مع روسيا في اللحظة الأخيرة. لاووس، 1962 تنام النفوذ العسكري اثناء حرب العصابات. مصر، 1956 تهديد نووي، قوات أرضية. الطلب من السوفيات عدم التدخل في أزمة السويس. قيام المارينز بإخلاء المنطقة من الجانب. لبنان، 1958 قوات ارضية، قوات بحرية. قمع المارينز لثورة المتمردين. العراق، 1958 تهديد نووي. إنذار العراق بعدم اجتياح الكويت. الصين، 1958 تهديد نووي، مطالبة بعدم التحرك ضد تايوان. باناما، 1958 قوات أرضية. مظاهرات ضد رفع العلم تؤدي إلى مواجهات عنيفة. باناما، 1964 قوات أرضية. باناميون يفتحون النار لاسترجاع القناة. إندونيسيا، 1965 مليون قتيل في الإنقلاب الذي دعمته الـ"سي أي أي". جمهورية الدمينيك، 1965،1966 قوات أرضية. إنزال لقوات المارينز أثناء الحملة الانتخابية. غواتيمالا، 1966،1967 الـBERETS~VERTS يتدخلون ضد المتمردين. ديترويت 1967 قوات أرضية. مواجهة بين الجيش والواطنين السود، 43 قتيلا الولايات المتحدة ،1968 قوات أرضية. انتشار 61 ألف جندي في البلاد بعد اغتيال مارتن لوثر كينغ كمبوديا، 1969، 1975 قصف، قوات أرضية، قوات بحرية. مليونا قتيل خلال 6سنوات من القصف، المجاعة والفوضى السياسية. عمان، 1970 الولايات المتحدة تقود عملية إنزال القوات البرية الإيرانية. لاوس، 1971، 1973 الولايات المتحدة تقود عملية اجتياح الفيتنام الجنوبي. "سجادة قنابل" في المناطق الريفية. داكوتا الجنوبية، 1973 الجيش يقود حصار لاكوتاس في واونديد كني. الشرق الأوسط، 1973 تهديد نووي. حذر عالمي أثناء حرب 1973 التشيلي، 1973 الـ"سي أي أي" تدعم انقلابا أسقط الرئيس الماركسي المنتخب سلفادور الليندي. كامبوديا، 1975 قوات أرضية، قصف، غاز. تفتيش مركب بحري، وقوع 28 قتيلا في حادث هليكوبتر. أنغولا، 1967، 1992 الـ"سي أي أي" تساعد المتمردين المدعومين من قبل إفريقيا الجنوبية. إيران، 1980 قوات أرضة، تهديد نووي، فشل نحاولات القصف. محاولة تحرير الرهائن في السفارة. سقوط 8جنود في حادث هليكوبتر. إنذار السوفيات بعدم التدخل في الثورة. لبيا، 1981 jets بحرية. سلفادور 1981-1992 قوات أرضية. بعث مستشارين، تحليق جوي لدعم الحرب على المتمردين. اشتباكات قصيرة بسبب الرهائن. نيكاراغوا، 1981-1990 قوات بحرية. الـ"سي أي أي" تدير عملية إنزال المبعدين المعاديين للثورة وتزرع الغاما ضد القوات الثورة. لبنان،1982-1984 قوات بحرية، قصف، قوات أرضية. قوات المارينز تطرد منظمة التحرير الفلسطينية وتساعد ميليشيا الكتائب. المواقع السورية تخضع لقصف القوات البحرية المسلحة. هوندواس، 1983-1989 قوات أرضية. المساعدة على بناء قواعد بالقرب من الحدود. غرانادا، 1983-1984 قوات أرضية، قصف، دخول الجزيرة بعد 4 سنوات من الثورة. إيران، 1984 تحليق طيران، إسقاط طائرتين إيرانيتين في الخليج الفارسي. ليبيا، 1986 قصف، قوات بحرية. ضربات جوية لإسقاط الحكومة الوطنية. بوليفيا،1986 قوات أرضية. الجيش يساهم في الحملة ضد الكوكايين. إيران، 1987-1988 قوات بحرية، قصف. الولايات المتحدة تتدخل لصالح العراق خلال الحرب. ليبيا، 1981 jet بحرية الجزر العذارى 1989 قوات أرضية. مشاكل مع السكان السود. الفيلبين،1989 تحليق طيران، غطاء جوي لحماية الحكومة من خطر الانقلابات.
2- التدخلات العسكرية الأميركية ما بعد سقوط الشيوعية. باناما، 1989-1990 قوات أرضية، قصف، 27 ألف جندي يطردون الحكومة الوطنية، توقيف القادة، أكثر من 200 قتيل. ليبيريا، 1990 قوات أرضية. إخلاء المنطقة من السكان الأجانب. السعودية، 1990-1991 قوات أرضية، طيران. احتجاج على العراق بعد غزوه لدولة الكويت، 54 ألف جندي إلى عمان. قطر، البحرية، الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل العراق، 1990 قوات بحرية، قصف،قوات أرضية حصارات المرافئ العراقية والأردنية، ضربات أكثر من 200 ألف قتيل عملية غزو العراق والكويت، إنشاء منطقة حظر جوي في الشمال الكردي والجنوبي الشيعي. تدمير شامل للقوة العسكرية العراقية. الكويت، 1991 قوات بحرية، قوات أرضية، استعراش العائلة الملكية الكويتية. لوس أنجلوس، 1992، 1992 قوات أرضة. الاستعانة بالجيش والمارنز لقمع الفتنة ضد الشرطة. الصومال، 1992-1994 قوات أرضية، قوات بحرية، قصف. احتلال من قبل الأمم المتحدة بطلب من الولايات المتحدة خلال الحرب الأهلية. حملة على الفتنة في مقاديشو. يوغسلافيا، 1992-1994 قوات بحرية. حصار حلف الأطلسي لصربيا ومونتينغرو. البوسنة، 1993-1995 طيران، قصف منطقة حظر جوي خلال الحرب الأهلية. إسقاط طائرات. قصف على الضرب. هايتي، 1994-1996 قوات أرضية، قوات بحرية. حصار على الحكومة العسكرية. بعث قوات الرئيس ارتيزيد إلى الحكم بعد الانقلاب. كرواتيا، 1995 قصف، الاعتداء على المنطقة الجوية الصربية في كاراجينا قبل الهجوم الصربي. زائير (كونغو) 1996-1997 قوات أرضية. بعث قوات المارينز إلى مخيمات اللاجئين الهوتسي في رواندا، في المنطقة التي بدأت فيها الثورة الكونغولية. ليبريا، 1997 قوات أرضية. الجنود يطلقون النار أثناء إخلاء الأجانب للمنظمة. ألبانيا، 1997 قوات أرضية الجنود يطلقون النار أثناء إخلاء الأجانب للمنظمة.. السودان، 1998 صواريخ. الهجوم على مصنع أدوات صيدلة، اعتقد أنه مصنع "إرهابي" لتصنيع مادة النوروتوكسيك أفغانستان، 1998 صواريخ الهجوم على مخيمات تدريبية سابقة للـ"سي أي أي" استولت عليها جماعات إسلامية أصولية متهمنة بالعمليات ضد السفارات الأميركية. العراق، 1998 قصف، صواريخ. أربعة أيام من القصف الجوي المكثف بعدما بالسماح لهم بدخول بعض المواقع. كوسوفو، 1999 يمكن إعتبار حرب كوسوفو نموذجاً لسابقة التدخل العسكري الأميركي وخوض الحروب بدون سؤال الأمم المتحدة ومجلس الأمن. فقد خاضت الولايات المتحدة حرب كوسوفو على مدى 79 يوماً من القصف العنيف دون أن تقبل بإعلانها حرباً. فإكتفت بإعتبارها مجرد عمليات عسكرية. وبذلك تجنب الرئيس كلينتون إحراج طلب موافقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والكونغرس. وهو عاد فطلب تدخل قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في كوسوفو بعد أن حقق المصالح الأميركية في أورويا وخاصة بعد حصوله على الموافقة الأوروبية على التعديلات الإستراتيجية لحلف الناتو.
3- التدخلات العسكرية الأميركية ما بعد حوادث 11 ايلول.
كانت حوادث أيلول ذريعة للهياج العسكري الأميركي بعد ذلك
التاريخ. لكن الموضوعية تقتضي تخطي الذرائع وتحليلها. الأمر الذي يعيدنا الى
مناقشة جملة التحضيرات السابقة والممهدة لمثل هذا الهياج. وتحديداً نقترح
مراجعة النقاط التالية: تعديل ميثاق حلف الناتو. 1. ان اعادة بعث الروح في حلف الاطلسي من شأنها أن تبقي أوروبا (والاتحاد الأوروبي) تحت السيطرة الأميركية المباشرة. بما يشكل كسباً استراتيجياً هاماً خصوصاً بعد المكاسب الأميركية من حرب كوسوفو في مقابل الخسائر الأوروبية. التي كانت السبب المباشر لانخفاض سعر صرف اليورو. الذي جعل المستثمرين ينفضون من حوله ويتجنبون اعتماده. 2. تضمنت هذه التعديلات احتواءً للرغبة الأوروبية بانشاء قوة تدخل سريع أوروبية بمعزل عن القوة الأميركية. حيث أشارت الى وجود مصالح للحلف في شمال أفريقيا. وضمناً فان هذه المصالح أوروبية. حتى أن ادارة كلينتون اتخذت جملة خطوات عملية باتجاه اخلاء المنطقة للأوروبيين. اذ بدأت أزمات شمال أفريقيا تتلمس طريقها للحل بصورة عجائبية. فانتخب بوتفليقة منقذا" للجزائر وأحيلت قضية لوكربي الى محكمة لاهاي بما أوحى أن الأميركيين قد قرروا أخيرا" منح السكينة لتلك المنطقة على طريق احالتها للنفوذ الأوروبي. وكان مؤتمر برشلونة تتويجا" لهذه الاحالة. وهنا تجدر الإشارة الى إنقلاب بوش على هذا التنازل. 3. كرست التعديلات الجديدة الاختراقات المؤقتة لقوانين الاتحاد الأوروبي وحولتها الى قاعدة تستند الى حلف استراتيجي لايمكن للاتحاد الأوروبي الوصول الى عمقه في المدى المنظور. وبمعنى آخر فان هذه التعديلات كانت احتواء استباقياً لاستقلالية الاتحاد. وهي النقطة التي إستغلها بوش إبان تحضيره لحرب العراق. 4. يشكل اصرار بوش الابن على مشروع الدرع الصاروخي تراجعاً صارخاً عن تقديمات كلينتون للأوروبيين لدفعهم الى تجديد الحلف. وهذا يفسر لنا عودة أوروبا للسعي الى انشاء قواتها الخاصة للتدخل السريع. كما أنه يفسر عودة الاضطراب الى شمال أفريقيا وعثرات المشروع المتوسطي الأوروبي. 5. تراجعات بوش الابن شملت أيضا" الصين. التي تجاهلتها التعديلات بتجنبها الاشارة الى وجود مصالح اطلسية في منطقتها. حيث يميل بعضهم لاعتبار هذا التجاهل بمنزلة الثمن الاستراتيجي لضرب السفارة الصينية في بلغراد. وهذه التراجعات هي الأهم كونها تطال مناطق عديدة في العالم. 6. في اطار التراجعات البوشية تدخل الرغبة الاميركية بالتمديد للقواعد العسكرية الاميركية في الشرق الأقصى. مع محاولة خلق مشاكل جديدة قد تمهد لعودة القواعد العسكرية الاميركية الى الفيليبين. وانشاء أخرى جديدة لمحاصرة التنين الصيني. 7. تضمنت التعديلات الاطلسية دعوة استراليا للانضمام الى الحلف. الذي أوكل اليها مهمة ميدانية غير مسبوقة بتسليمها قيادة القوات المتدخلة في تيمور الشرقية. 8. استبدلت الاستراتيجية الجديدة للحلف دوره الدفاعي المحصور داخل الدول الاعضاء الى دور تأمين المصالح خارج هذه الدول وفي مناطق عديدة من العالم. 9. ان هذه التغييرات الاستراتيجية جعلت الدول المحاصرة أميركياً خارج نفوذ الأمم المتحدة ومجلس الأمن والحقتها بنفوذ الحلف (الولايات المتحدة بالتالي). فباتت قرارات فرض الحصار وتوسيعه أو الغاءه قرارات أميركية لادخل للمنظمات الدولية فيها. وهذا ما سهل حرب العراق خارج موافقة مجلس الأمن. 10. ان بقاء التصويت على العقوبات في مجلس الأمن لغاية الآن لايخرج عن كونه صيغة شكلية. فبالرغم من المعاهدة الروسية الصينية يبقى الفيتو ضد العقوبات خارج الأولويات. ذلك أن روسيا تنتظر القروض والصين تسجل فائض 115 مليار دولار سنويا" في تجارتها مع الولايات المتحدة. من هنا تنحصر معارضتهما في نطاق تحويل الحصار من صعيد الاحتواء الى صعيد استراتيجي (عن طريق العقوبات الذكية). 11. تأكيداً للنقطة السابقة لابد من التذكير بالتدخل الأميركي في كوسوفو الذي لم يطلب موافقة الأمم المتحدة ولا حتى موافقة الكونغرس الأميركي. 12. الابقاء على النقاط الساخنة ( الحروب الصغيرة في انحاء العالم ) جاهزة للتفجير بما يتناسب والمصالح الأميركية. وهنا نقع على قائمة طويلة من البراكين تتوزع على مناطق البلقان والحزام الأوراسي والشرق الأقصى وافريقيا واميركا اللاتينية والوطن العربي. بحيث يصعب تعداد هذه البراكين وسيناريوهات تفجيرها المحتملة. 13. استكمالاً للنقطة السابقة فان اهم البراكين العربية الجاهزة للتفجير الاميركي هي: السودان والصومال والجزائر والاردن وفلسطين والعراق. 14. يمكن اليوم التأكيد على أن بعث الأطلسي في ثوب استراتيجي جديد كان مقدمة لتخلي الولايات المتحدة عن النظام العالمي الجديد ومعه العولمة لصالح بعث سياسة الأحلاف العسكرية من جديد. فسياسة الأحلاف تحررها من التزامات عديدة وتعطيها حرية أوسع وأشمل لتأمين مصالحها وحمايتها. وعليه فإن قراءة هياج ما بعد 11 أيلول على ضوء هذه المعطيات الإستراتيجية تبين أن هذا الهياج لم يأت كمجرد ردة فعل على تلك الحوادث وانما هو يجيء في سياق إستراتيجي مدروس ومخطط له مسبقاً. وهو ما وجد ترجمته في حربي أفغانستان والعراق والحروب والتهديدات الأميركية المجهزة مسبقاً والمتداولة راهناً في سوف السلاح العالمي. وبالنظر الى خطورة هذه الإستراتيجية الأميركية الجديدة والهيجانية لا بد لنا من مراجعة بعض التقارير الهامة الصادرة عن المراكز الإستراتيجية الأميركية. وهي مراجعة يمكنها أن تبين لنا التوجهات الإستراتيجية القادمة للولايات المتحدة. ونبدأ بتعداد بعض أهم التقارير المشار لها أعلاه وهي:
1-
وثيقة
غزو
العراق: وتشير الوثيقة المتسربة قبل حوالي السنة
من الحرب الى أن مبدأ الصدمة والترويع كان قوام خطة الحرب. وهو لم يكن تحت وطأة
ظروف الحرب. للتعمق أنظر على الشبكة:
2-
المحطة
التالية: بغـداد: وهو تقرير نشرته مجلة شؤون
خارجيية الأميركي في 2 أبريل 2002 وهو يؤكد أن بغداد هي المحطة التلية للحرب
بعد أفغانستان. للتعمق أنظر على الشبكة:
3-
تقرير لجنة
ميتشل: وهو يشير الى اللامبالاة الأميركية بالموضوع الفلسطيني وتسويفه لغاية
إستكمال تغيير خارطة الشرق الأوسط.
للتعمق أنظر على الشبكة:
4-
تقرير
راند: صدر التقرير في سبتمبر 2002 تقريرا" في منتهى الخطورة. إذ
يشير التقرير الى دور سعودي رسمي داعم للإرهاب مما يخرج المملكة من دائرة
أصدقاء أميركا. بل مما يضعها في دائرة الأعداء المرشحين لمنصب العدو المحتمل.
ثم تسربت لاحقا" معلومات تفيد عن نصح التقرير بضرورة اتخاذ تدابير فعلية ضد
السعودية ومن بعدها ايران بوصفها المدرجة في قائمة رعاة الإرهاب. للتعمق أنظر
على الشبكة:
5-
الصين ...
المحطة التالية: يمكن هنا الإشارة بعبارات موجزة
إلى أن التطبيق العملي لعقيدة بوش هذه بلغ ذروته في صد الإسلام المتطرف وفي
احتواء الصين الشعبية وتطويقها لمنع نهوضها وتحولها إلى موقع القوة العظمى./
في نشرة ناشينال سيكيورتي أوتلوك الأميركية 1أيار 2003 للتعمق أنظر على
الشبكة:
6-
بيرل : سوريا
بعد العراق: وملخص التقرير هو أنه لا بد من
تغيير كامل في العالم العربي، برعاية أميركية. وبالنسبة لسورية، وفلسطين، يكون
التغيير بمساعدة إسرائيل. ونصح التقرير باستراتيجية "الضربة الوقائية"
الأميركية التي أعلنها الرئيس بوش. للتعمق أنظر على الشبكة: هذه التقارير تأتي في سياق فكري عام محوره الحاجة الأميركية لتغيير خارطة الشرق الأوسط ودينامية العلاقات بين مكوناته. وخاصة لجهة دفع تكامل إسرائيل في هذا الإطار. وهنا يقتضي الأمر مراجعة التيارات الفكرية الإستراتيجية في صناعة القرار الأميركي ومتغيرات هذه التيارات. فقبل نهاية الحرب الباردة كان هنالك تياران أولهما الإنعزالي الداعي الى عدم تقديم تضحيات أو توظيفات أميركية في الخارج والإنغلاق على الداخل الأميركي. أما التيار المقابل فهو الإنفتاحي وهو على عكس سابقه. ولقد سجل الإنفتاحيون نصراً كاسحاً بمناسبة سقوط الشيوعية. وبرز بينهم التيار الأكثر تطرفاً المسمى لاحقاً بتيار المحافظون الجدد. وكان أكثرهم صراحة في إعلان تطرفه وزير خارجية الرئيس ريغان المدعو الكسندر هيغ. الذب قاد السياسة الخارجية لبلاده على شكل المافيا والإنقلابات العدوانية غير المبررة. حتى إضطر ريغان لإقالته. لكن التيار إستمر خلال ما تبقى من فترة ريغان الثانية وفترة بوش الأب حين سجل إنتصاراً جديداً عبر حرب الخليج الثانية. التي أمنت السيطرة الأميركية على منابع النفط الإستراتيجية. ثم عاد هذا التيار ليشهد تراجعاً أيام كلينتون لكنه بقي ضاغطاً. وهو حاول إستغلال نهاية فترة كلينتون الثانية لدفعه الى مغامرات إستراتيجية كان كلينتون يرفضها مبدئياً لإنتمائه الى التيار الوسطي القائل بأن التهديد بالقوة أكثر ربحية من إستخدام القوة ذاتها. وهكذا تهرب كلينتون من ضغوط المتطرفين لدفعه الى خوض حروب أفغانستان والعراق مكتفياً بضربات عسكرية محدودة بدون أي ثمن إستراتيجي. فإذا ما تم إستقدام ووكر بوش الى البيت الأبيض تمت سيطرة المحافظين الجدد والصقور الداعمين والممولين لهم على السياسة الخارجية الأميركية. حتى وصلت الولايات المتحدة الى الوضعية التي كادت تصلها أيام الكسندر هيغ فتفقد كل أصدقائها دفعة واحدة. وهذا هو حالياً المأزق الأميركي الذي يجد قائمة طويلة من النقاد المتطرفين ضده والمحذرين بشدة من أخطاره. إلا أن وضعية الحرب والنخويف تمنع هذه الأصوات من الظهور الى أسماع القطاع الأميركي الواسع. حتى أن بعضهم يشبه الوضع الحالي بوضغية نيكسون عشية إعادة إنتخابه. حيث كان من المستحيل إعاقة إعادة إنتخابه لكنه كان من المستحيل أبضاً أن يتم فترته الثانية بإسكات كل هذه الأصوات العقلانية والألصق بالمصالح الأميركية المستقبلية. د. محمد أحمد النابلسي رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية |