" الاضطرابات العقلية والنفسية والسلوكية - العلاج الطبي والنفسي". تحت هذا العنوان صدر كتاب عن الشركة العالمية للكتاب في بيروت. واشترك في تأليفه الدكتور محمد أحمد النابلسي والدكتور عبد الرحمن العيسوي. والاثنان معروفان لدى القارئ العربي المهتم بالعلوم النفسية. لكن جديد هذه المشاركة هو التعاون التكاملي بين بين اختصاصين مختلفين. فالدكتور النابلسي متخصص في الطب في مجال الأمراض العقلية والنفسية. أما الدكتور العيسوي فهو متخصص في علم النفس. ولعل هذا التعاون التكاملي يتحول إلى مثال لحل الصراعات المألوفة في عالمنا العربي بين الأطباء وغير الأطباء من العاملين في العيادة النفسية. مهما يكن فإن هذا الكتاب يمتاز بتقديم رؤية تكاملية تتيح لقارئه التعرف إلى وجهات النظر المختلفة في ميدان علاج هذه الاضطرابات. الأمر الذي يتيح إمكانية الجمع بين أكثر من وسيلة علاجية لخدمة المريض. مثال ذلك الجمع بين أحد الأدوية المضادة للقلق وبين العلاج السلوكي لحالات القلق. هذا الجمع يعطي نتائع أكثر كافية من تطبيق واحد من العلاجين بدون آخر. وهذا المثال هو الرسالة التي يحاول المؤلفان إيصالها للقارئ.

إن هذا المنهج في العلاج النفسي قابل للاستخدام في العيادات الطبية على اختلاف تخصصاتها. حيث يلاحظ الأطباء وجود عوامل نفسية لدى المرضى الجسديين. سواء كانت هذه العوامل سببا" للاضطراب الجسدي أو مشجعة على ظهوره أو كانت نتيجة للمرض الجسدي. وفي جميع الحالات فإن الطبيب الجسدي، مهما كان اختصاصه، غالبا" ما يجد نفسه مضطرا" للتعامل مع مع الانفعالات النفسية لمريضه. الأمر الذي يجعله بحاجة لمثل هذا الدليل العلاجي الذي يرسّخ إمكانيته في التعامل السيكوسوماتي في اختصاصه.

من جهة أخرى فإن هذا الكتاب يساعد الاختصاصي لتحقيق النقلة المطلوبة من النظري إلى التطبيقي. وهي نقلة غالبا" ما تفتقد للمراجع الموجهة لها باللغة العربية.

1-    محتويات الكتاب

تتوزع محتويات هذا الكتاب على ثلاثة فصول هي الآتية:

أ – العلاج النفسي الدوائي (النابلسي)
       يتضمن هذا الفصل عرضا" لأهم الأدوية المستخدمة في العلاج النفسي مع توزيعها بحسب استعمالاتها إلى : 1- المعقلات ( لعلاج الاضطرابات العقلية) و 2- مضادات القلق و3- مضادات الاكتئاب و 4- المنومات : مع عرض لخصائص أهم الأدوية المستخدمة من هذه الفئات وعرض لمجالات استعمالها وجرعها وآثارها الجانبية...الخ.  

ب- أساليب العلاج النفسي (العيسوي)
     يتطرق هذا الفصل لاستعراض الاساليب العلاجية بدءا" من تحليل الأحلام مرورا" بالعلاج الجماعي والسيكودراما والعلاج التوجيهي ثم العلاج التحليلي وصولا" إلى العلاج السلوكي. وينهي الدكتور العيسوي هذا الفصل باستعراض أساليب العلاج الجماعي.

ج – طوارئ الطب النفسي ( النابلسي)
    ويعرض هذا الفصل لاساليب التشخيص والعلاج الطبي للطوارئ النفسية مركزا"على التالية منها: 1- الهذيان (الارتعاشي والحاد) 2- الادمان 3- النوبات العقلية و  4- نوبات العته و 5- اضطرابات الشيوخ 6- تناذرات الخبل و 7 – نوبات العدائية و  8- الانتحار و 9- الهياج و 10- الكف و11- الحالات الاكتئابية المتطورة و 12- نوبات القلق الحادة و 13 – طوارئ الشذوذ الجنسي.

2- الاختلاف في أسلوب المؤلفين.

  لكل مؤلف من مؤلفي الكتاب قرّاء اعتادوا أسلوبه. فمن المعروف أن للدكتور العيسوي قائمة طويلة من المراجع التي كتبها بأسلوبه المبسط والمحافظ على رزانة الاختصاص. الامر الذي جعله أحد أشهر المؤلفين العرب في هذا الميدان. والدكتور النابلسي معروف بدوره لدى قطاع واسع من المتخصصين العرب عبر رئاسته لتحرير دورية " دورية الثقافة النفسية المتخصصة" وله بدوره قراؤه الذين اعتادوا أسلوبه الطبي ذي المنحى التحليلي وهو أسلوب مختلف عن أسلوب الدكتور العيسوي وأصعب. فماذا حصل عندما تمازج الأسلوبان في الكتاب؟
     كما هو ملاحظ من خلال عرضنا لمحتويات الكتاب فقد استقل كل مؤلف بفصل منفرد حافظ فيه على أسلوبه المعتاد. وبقي على القارئ التكيّف مع الفوارق بين الأسلوبين. حيث يكتب الدكتور العيسوي متبسطا" وداعما" عرضه بالأمثلة.
        في حين أن الدكتور النابلسي يكتب بأسلوب طبي معتمدا" الجداول التي تساعد على تصنيف المعلومات وتسهل حفظها واستيعابها.
      ولعل الطابع الطبي البحت لمساهمة النابلسي في هذا الكتاب تجعل من أسلوبه أكثر صعوبة بالمقارنة مع أسلوب مشاركه. ولعل المشاركة تتجلّى في فصل أساليب العلاج النفسي حيث توجد بعض الهوامش التي تعرض لرأي النابلسي دون تدخله المباشر في النص الأصلي للعيسوي.

3- الكتاب السابقة

يعتبر هذا الكتاب سابقة من أكثر من ناحية إذ يشارك فيه مصري ولبناني، الأول متخصص في النفس والثاني في الطب النفسي. الأول ممارسته ذات طابع تدريسي والثاني ذات طابع عيادي وغير ذلك من المقارنات التي يشكل كل منها سببا" للصراع. ففي أجوائنا الاختصاصية يسجل الصراع بين المدرسين والممارسين وبين الأطباء وغير الأطباء وبين خريجي الجامعات المختلفة...الخ. لكن المؤلفان تمكنا من تخطي هذه العوامل الصراعية بسبب اشتركهما في جملة أهداف واتفاقهما على أكثر من صعيد. فالاثنان يشتركان في اختصاصهما بالعلاج النفسي. وهما متفقان على ضرورة تطويع وتعديل منهجي للمعلومات حتى يمكن تطبيقها بفعالية في البيئة المحلية. أيضا" يتفق الاثنان على ضرورة نشر الوعي الصحي النفسي. كل هذه المعطيات تظهر تكامل أهداف المؤلفان وتوجهاتهما قبل أن تتكامل جهودهما في هذا الكتاب. الذي نأمل أن يكون مقدمة لظهور كتب يتسع محتواها لعدة مؤلفين يعرضون وجهات نظر مختلفة ويبذلون الجهد لتكاملها لما فيه خدمة المريض والقارئ المتخصص.

كما نأمل أن يكون المؤلفون ينتمون إلى عدة بلدان عربية ليس فقط لترسيخ مظهر من مظاهر التعاون العلمي العربي أيضا" للوصول إلى نوع من التكامل – التفاهم بين هؤلاء بوصفهم ينتمون إلى تيارات أجنبية مختلفة. ومثل هذه المشاركة من شأنها أن تضيق هذا الخلاف النظري بين اتباع المدرسة الأميركية والمدارس الأوروبية مثلا". وننهي عرضنا لهذا الكتاب بمقطع من مقدمة الدكتور العيسوي له وفيها: ...يجيء هذا الكتاب خلاصة لمنهج شمولي يجمع بين العلاج النفسي والعلاج الطبي الدوائي لتكون الفائدة منه أعمّ وأشمل. إذ لا بد من النظر للاضطرابات نظرة شمولية موحدة تتضافر فيها جهود فريق متكامل من المتخصصين... وهذا الكتاب هو ثمرة تعاون علمي وأخوي وثقافي مع زميل كريم وأستاذ جليل ورائد من روّاد الطب النفسي في عالمنا العربي وهو الدكتور محمد أحمد النابلسي.

يقع الكتاب في 250 صفحة من الحجم الكبير وهو صادر عن الشركة العالمية للكتاب في بيروت. للشراء

العودة الى الصفحة الرْيسية